Ras el-senat amazigh : Un reflet de l'identité et de la culture amazigh
رأس السنة الأمازيغية: تجسيد للهوية والثقافية الأمازيغية
في شمال إفريقيا، حيث تتنوع الثقافات وتتداخل الأديان والمعتقدات، يبرز رأس السنة الأمازيغية كواحد من أهم وأقدم الاحتفالات الثقافية التي تُخلّد تاريخًا طويلًا من الهوية الأمازيغية. إذ ليس مجرد مناسبة لتبادل التهاني والاحتفالات، بل هو يوم يعكس التراث الثقافي الأمازيغي المتجذر في شعوب شمال إفريقيا. يتم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في 13 يناير من كل عام، ويعرف بـ "أسكاس أمازيغ" في بعض المناطق، ويُعتبر بمثابة البداية الفلاحية للأمازيغ.
أصل رأس السنة الأمازيغية
تعود بداية السنة الأمازيغية إلى 950 قبل الميلاد، حسب بعض الدراسات التاريخية. وتُنسب بداية التقويم الأمازيغي إلى الملك الأمازيغي شيشونق الأول (Sheshonq I)، الذي أسس السلالة الفرعونية في مصر. هذا الملك الذي يُقال أنه حكم مصر القديمة بعد انتصاره على الفراعنة المصريين. من هنا بدأ التقويم الأمازيغي الذي يعتمد على الدورة الشمسية و التقويم الزراعي.
فمنذ ذلك التاريخ، أصبح 13 يناير هو بداية السنة الفلاحية للأمازيغ، حيث ترتبط هذه الفترة بموسم الحصاد والزراعة، مما جعل هذا اليوم ذا أهمية خاصة في حياة الأمازيغ، الذين اعتمدوا على الزراعة كأحد الأسس الاقتصادية والاجتماعية في حياتهم.
احتفالات رأس السنة الأمازيغية
على مدار القرون، ظل رأس السنة الأمازيغية يُحتفل به في الكثير من المناطق التي تسكنها الشعوب الأمازيغية، مثل المغرب و الجزائر و تونس و ليبيا وغيرها من الدول التي تضم جاليات أمازيغية. هذه الاحتفالات تختلف من منطقة لأخرى، لكنها تشترك في بعض الطقوس والعادات التي تعكس الهوية الثقافية للأمازيغ.
في هذا اليوم، يتم تحضير الأطعمة التقليدية التي تعتبر رموزًا للخصوبة والوفرة، مثل الكسكس و العصيدة (تاگولا) و الخبز الأمازيغي. يُحضّر أيضًا الطاجين، الذي يعد من أشهر الأطباق في المطبخ الأمازيغي. كما يتم تبادل التهاني بين أفراد العائلة والأصدقاء، ويُقام العديد من الاحتفالات الثقافية مثل الرقصات الشعبية و الأغاني الأمازيغية.
الاحتفالات الحديثة برأس السنة الأمازيغية
في المغرب، تم إقرار رأس السنة الأمازيغية يومًا عطلة رسمية في 2021 بعد سنوات من المطالبات الشعبية والحقوقية. هذا القرار جاء في سياق الاعتراف الرسمي بالثقافة الأمازيغية بعد أن تم إدخال اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور المغربي في 2011. هذا الاعتراف شكل خطوة هامة نحو تعزيز الهوية الأمازيغية في المغرب، وجعل من رأس السنة الأمازيغية مناسبة ثقافية وتاريخية تتمتع بأهمية خاصة في البلاد. في السنوات الأخيرة، شهدت الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية في المغرب العديد من الفعاليات الثقافية التي تُنظم في المدارس و المؤسسات، والتي تركز على التراث الأمازيغي، من الأغاني و الرقصات إلى الحرف اليدوية و الفنون التقليدية. وتستقطب هذه الفعاليات عددًا كبيرًا من المواطنين، مما يعكس الوعي المتزايد بأهمية هذه المناسبة.
السنة الأمازيغية الهوية الثقافية
يعد الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في الوقت الحاضر أكثر من مجرد احتفال بعيد تقليدي، بل هو رمز من رموز الهوية الثقافية للأمازيغ. إن الاحتفال بهذا اليوم يعكس ارتباط الشعب الأمازيغي بالأرض و الزراعة، كما أنه يعزز الوعي الثقافي بين الأجيال الجديدة. هذه الاحتفالات لا تقتصر على الأمازيغ فقط، بل تشمل جميع المغاربة الذين يعترفون بقيمة التنوع الثقافي في المملكة.
من خلال هذه الاحتفالات، يتم التأكيد على التعددية الثقافية في المجتمع المغربي، مما يعزز التعايش والتعاون بين مختلف المكونات الثقافية في البلاد. إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يعكس في جوهره الاحترام المتبادل بين الهوية الأمازيغية و الهوية العربية في المغرب، ويُسهم في تعزيز الوحدة الوطنية.
رأس السنة الأمازيغية إحياء للتراث و تعزيز الهوية
في العصر الحديث، أصبح الاحتفال برأس السنة الأمازيغية جزءًا من الاحتفالات الرسمية في العديد من الدول التي تضم جاليات أمازيغية. أصبح هذا اليوم مناسبة لإحياء التراث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية. كما أن الاهتمام المتزايد بالتقويم الأمازيغي يعكس رغبة الشعوب الأمازيغية في الحفاظ على تراثها وتعزيزه في المجتمع المعاصر.
في بعض الدول، مثل الجزائر و تونس، يتم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية من خلال الفعاليات الثقافية والمعارض والمهرجانات التي تركز على الطعام الأمازيغي، الملابس التقليدية، والفنون الشعبية. كما يتم الاحتفال أيضًا عبر الإعلام و الأنشطة المدرسية التي تهدف إلى نقل الثقافة الأمازيغية إلى الأجيال الجديدة.
إن رأس السنة الأمازيغية ليس مجرد مناسبة للاحتفال بل هو تجسيد للهوية الثقافية والتاريخية للأمازيغ في شمال إفريقيا. بمرور الوقت، أصبح هذا اليوم رمزًا للوحدة الثقافية والتنوع الاجتماعي في العديد من دول شمال إفريقيا، وخاصة في المغرب و الجزائر و تونس. من خلال الاحتفال بالسنة الأمازيغية، يتم إحياء التراث و تعزيز الهوية في سياق ثقافي وطني يعكس التعددية الثقافية التي تميز المنطقة.
المراجع:
1. دستور المملكة المغربية 2011 - موقع وزارة العدل المغربية.
2. التاريخ الثقافي الأمازيغي - منشورات وزارة الثقافة المغربية.
3. الهوية الأمازيغية في المغرب - تقرير لمركز الدراسات الأمازيغية.