حق التزام الصمت أمام النيابة العامة

 



حق التزام الصمت أمام النيابة العامة

 
حق التزام الصمت أمام النيابة العامة



     إن الحق في الصمت هو حق مقرر في مختلف مراحل الدعوى الجنائية باعتباره يمثل أهم تمظهرات المحاكمة العادلة، ولكي ينتج هذا الحق الأثر المتوخي منه، فلابد من أن يتضمن مجموعة من الضمانات التي تكفل احترامه وترتيب الجزاء المناسب عن خرق هذا الحق الجوهري، وإن المشرع المغربي في إطار تنظيمه لاختصاصات النيابة العامة لم يشر صراحة إلى الحق في الصمت[1] اللهم أن استثناء المادة 149[2] المتعلقة بالأمر بالإحضار الصادر عن قاضي التحقيق، إذا كان المتهم خارج دائرة نقود قاض التحقيق المصدر للأمر بالإحضار،  بحيث يتلقى منه قاض النيابة العامة تصريحاته بعد اشعاره بأنه حر في عدم الادلاء بها، والمادة 156 من قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالأمر بإلقاء القبض الصادر عن قاض التحقيق، إذا ضبط المتهم خارج دائرة نفوذ قاض التحقيق الذي صدر الأمر عنه، فيقدم إلى ممثل النيابة العامة كي يتلقى تصريحاته بعد إخباره بأن له الحق في الكلام أو الإمساك عنه.

وربما يرجع السبب في عدم التنصيص عن الحق في التزام الصمت أمام النيابة العامة التنصيص عليه أمام الشرطة القضائية، وكما نعلم أن كل من وكيل الملك ونوابه والوكيل العام للملك ونوابه ينتمون إلى جهاز الضابطة القضائية ولو تميزوا بصفة السمو.

لكن الإشكالية تثار عندما يتم تقديم المتهم أمام ممثل النيابة العامة في حالة التلبس، الذي نصت عليه المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية، خاصة وأن المشرع لم ينص صراحة عن إخبار المتهم بحقه في الصمت، بحيث يكتفي بإصدار أمر بإيداع المتهم بالسجن ويخبره بحقه في تعيين محامي دون إشعاره بحقه في التزام الصمت، مما جعلنا نتساءل عن غاية المشرع المغربي من وراء عدم تنصيصه على الحق في التزام الصمت أمام ممثل الحق العام؟ لأنه نص على ذلك في المادة 66 أم أنه أراد أن يسرع من وثيرة استخلاص الدليل من المتهم الذي ضبط في حالة التلبس.

وتجدر الإشارة إلى أن الحق في التزام الصمت في التشريع المغربي كان موضوع اجتهاد قضائي صادر عن المجلس الدستوري سابقا، " المحكمة الدستورية حالياً" قبل أن يكرس دستوريا 2011 حيث اعتبر أن إلزام أحد أعضاء البرلمان بالإدلاء بتصريحاته أمام الوكيل العام للملك على إثر شكاية قائمة ضده يعتبر مساس بحريته ومن شأنه خرق قرينة البراءة[3] .

 

الاثر الناتج عن خرق الحق في الصمت أمام النيابة العامة

إذا كان كما سلف الذكر أن المشرع المغربي لم ينظم الحق في الصمت أمام النيابة العامة، فهو كذلك لم ينظم الجزاء الناتج عن الاخلال به، ولكن حسب رأينا المتواضع نرى أن الجزاء الذي يطال عدم إخبار ممثل النيابة العامة المتهم في حقه في الصمت، هو البطلان وذلك راجع إلى افتراضين اثنين:

الافتراض الاول إذا اعتبرنا أن ممثل النيابة العامة ضابط من ضباط الشرطة القضائية، فهو بهذه الصفة يتعين عليه إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضعه تحت الحراسة النظرية، فورا وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وبحقوقه ومن بينها حقه في التزام الصمت، فالفقرة الثانية من المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية جاءت بفعل مضارع وهوا يتعين الأمر الذي يستفاد منه الاجبار، مما يحيلنا على مقتضيات المادة 751 من نفس القانون، التي اعتبرت أن كل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت انجازه على الوجه القانوني يعد كأن لم ينجز.

الافتراض الثاني يتمثل كون ممثل النيابة العامة لمكان إلقاء القبض، أو لمكان الذي ضبط فيه المتهم، في إطار المادتين 149و 156 ينوب عن قاض التحقيق، الذي أصدر الأمر سواء بالإحضار أو بإلقاء القبض، في الحالة التي يوجد فيها المتهم خارج دائرة نفوذه، فبالرجوع إلى المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية التي جاءت في الباب الثاني عشر المعنون ببطلان اجراءات التحقيق التي رتبت البطلان عن خرق المقتضيات الجوهرية المسطرة إذا كانت نتيجتها المساس بحقوق الدفاع لكل طرف من الاطراف، فإدا رتبت هذه المادة البطلان عن الاجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق باعتباره المكلف الأول للقيام بالإجراء – اشعار المتهم بحقة في عدم الإدلاء بأي تصريح - ، فبالأحرى أن يطال البطلان كذلك ممثل النيابة العامة الذي ينوب عن قاض التحقيق.



 

المراجع:

[1] كمال الشلاوي، حق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح (دراسة مقارنة)، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء الفوج 41،2015-2017، ص16.

[2] ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب (3أكتوبر 2002) بتنفيذ   القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.

[3]  أشار إليه محمد الجيراري، الحق في الصمت اثناء البحت التمهيدي التلبسي، مقال منشور على مجلة المنارة، الموقع   الالكتروني https://revuealmanara.com تاريخ الاطلاع 10-02-2023 على الساعة 15:29.




تعليقات