القراءة في مقدمة كتاب "الحركات الاحتجاجية بالمغرب" للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري

 

القراءة في كتاب الحركات الاحتجاجية في المغرب للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري


القراءة في مقدمة كتاب "الحركات الاحتجاجية بالمغرب"

للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري

 

     الحركات الاحتجاجية موضوع ذو شجون يحمل عبق ماض بين دمعة الانتصار تارة ودمعة الانكسار تارة اخرى، فيها (الحركات الاحتجاجية) معارك كبرى، شيد التاريخ بعضها فأصبحت أعياد فرح على الشعوب التي حققت فيها الاماني ومعها الأمن وأمل غد أفضل، وأعياد حزن وذكريات الأسى على فقدان الآلاف...شوارع باسم حركات احتجاجية ومنشآت عمومية بين مدرسة وحديقة وملعب، ومؤسسات تحمل أسماء مناضلين.

     الحركات الاحتجاجية موضوع حديث قديم تصعب الكتابة فيه، وذلك راجع لكونه نقطة تماس بين العديد من الحقول المعرفية، كالفلسفة والتاريخ والسوسيولوجيا، إضافة إلى ذلك فموضوع الحركات الاحتجاجية تحكمه الإيديولوجية الإثنية والتيارات الدينية.

     فالأقلام الأولى التي كتبت في هذا الموضوع عانت من شح المراجع والإحصاءات، في حين عانت الاقلام الثانية من زخم المعلومات وتراكم البحوث حول سؤال الاحتجاج، فأصبح سؤال اين الحقيقة يلوح في الأفق.

     فأضحى البحث عن مؤلفات تتناول هذا الموضوع من الأهمية بما كان، بل إن السؤال الذي يطرحه القارئ هو من أي زاوية سوف اقرأ حول الموضوع، هل أستعين ببوصلة التاريخ وتسافر بين الارقام والأحداث بحثا عن الحقيقة؟  أم أستعين بنظارات الادب والفلسفة وأقرأ ما كتب حول الاحتجاج والعنف والثورات؟ ام أتوقف عند اعلام القانون حيث جالت أفهام البعض؟ خاصة وأن موضوع الاحتجاج له علاقة قوية بإشكال مازال لم ينقص عنه الغبار التشريعي (الإضراب)، فمنذ أول دستور عرفته المملكة كان دائما يتم التنصيص على الحق في التظاهر، الا أن هذا الحق كان دائما مقيدا بصدور قانو تنظيمي يؤطره، توالت الدساتير والى يومنا هذا لم يولد هذا القانون التنظيمي.

     أما من باب السوسييولوجيا فهو أوسع هذه الأبواب، والذي من خلاله يمكن فهم ابجديات هذا الموضوع والإحاطة به وفهمه فهما عميقا، وهو ذات الباب الذي دخل منه الكاتب والسوسيولوجي والأستاذ الجامعي عبد الرحيم العطري، حيث ألف كتابه والذي عنون بالحركات الاحتجاجية في المغرب، والذي حاول من خلاله أن يتحدث عن هموم وطنه وأن يتقاسم مع مثقفي بلده الحلول.

     ومن مؤلفاته كذلك دفاعا السوسييولوجيا وسوسيولوجيا الشباب المغربي وغيرها

سنتناول في هذا الموضوع القراءة في كتاب الحركات الاحتجاجية في المغرب للمؤلف عبد الرحيم العطري، وقبل ذلك سنتناول سيرته الذاتية، وقراءة في صورة الكتاب وعنوانه، تم نتوقف عن فرضيات القراءة ونرصد المناهج والطريقة المعتمدة في تناوله لطرحه.

 

1.   السيرة الذاتية لصاحب المؤلف

     الأستاذ الدكتور عبد الرحيم العطري خبير استشاري وأستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، المغرب.

     يعمل حاليًّا أستاذًا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، إضافة إلى عضويته كخبير واستشاريّ لدى منظمات ومؤسسات وطنية ودولية.

     حصل الدكتور العطري على جائزة المغرب للكتاب، ضمن فئة العلوم الاجتماعية، في العام 2017، إضافة إلى جائزة حلقة الفكر المغربي ضمن فئة الأعمال الفكرية في العام 2016.

     لا يقتصر حضور د. العطري على الإنتاج الفكري المكتوب، بل له حضور إعلامي مكثَّف في كثير من المؤسَّسات الإعلامية المرئية المسموعة والمكتوبة، فهو مستشار اجتماعي وضيف رئيس في برامج عدة منها (بدون حرج) بقناة ميدي، و(تحت الصفر) بإذاعة إم إف إم، و(آش واقع) بإذاعة إم إف إم، إضافة إلى كونه مستشارًا اجتماعيًّا لمجلة (لالة فاطمة) وقناة (الضفتين).

     وقد أّلف العطري العديد من الكتب والمؤلفات الفكرية، التي تندرج تحت مدارس فكرية متنوعة منها: سوسيولوجيا الحياة اليومية، المسألة القروية بالمغرب، قرابة الملح: الهندسة الاجتماعية للطعام.

     ويحمل العطري درجة الدكتوراه في علم الاجتماع ودبلوم الدراسات العليا في علم النفس.

 

2.   قراءة في العنوان

     جاء العنوان مركبا من ثلاث كلمات وهي:

·       الحركات: وهي جمع حركة، تحرك يتحرك حركة، أي الانتقال من مكان إلى آخر ما يفيد الانتقال من مكان إلى آخر، التغيير والتأثير والانتقال من حال إلى حال.

·       الاحتجاجية: هي مصدر لفعل احتج، يقال احتج يحتج احتجاجا، أي طالب وناضل من أجل تحقيق مطلب.

·       المغرب: تعود تسميته إلى العرب الأصليين القدماء وتعني مكان غروب الشمس حيث اعتقد العرب أن الشمس تشرق من الصين وتغرب في أرض المغرب. وهو البلد الذي ينتمي إليه الباحث ومكان إجراء دراسته.

على العموم يمكن القول أن:

      هناك صعوبة في محاولة تعريف مفهوم الحركة من خلال كلمات أو عبارات مختصرة؛ فالحركة – بالمعنى الجسدي – تعني التحرك من مكان إلى آخر، أو تحريك شيء من مكان إلى آخر، أو تحرك في الوضع حيث لا يعني بالضـرورة الانتقال إلى موقع جغرافي مختلف، كأن نقول – مثلا - أن رد الفعل الذي يتجلى في تعبيرات وجه شخص ما يشير إلى الدهشة أو الاستغراب. أما بالمعنى الاجتماعي، فيمكن الإشارة إلى:

§       أن الحركة تقوم بعدد من الأنشطة للدفاع عن مبدأ ما، أو للوصول إلى هدف ما.

§       انها تتضمن وجود اتجاه عام للتغيير.

§       انها تشمل مجموعات من البشر يحملون عقيدة أو أفكار مشتركة، ويحاولون تحقيق بعض الأهداف العامة.

§       أن الحركة الاجتماعية هي محاولة قصدية للتدخل في عملية التغيير الاجتماعي، وهي تتكون من مجموعة من الناس يندرجون في أنشطة محددة، ويستعملون خطابا يستهدف تغيير المجتمع، وتحدي سلطة النظام السياسي القائم.

§       كما يقترن مفهوم الحركة الاجتماعية بمفهوم القوة الاجتماعية، والقدرة على التأثير وإحداث التغيير.

§       انها تعبر عن التحركات الجماعية لفئات أو جماعات أو منظمات بهدف انتزاع حقوق أو مواجهة مخاطر ويشترط لهذه التحركات أن تكون جماعية في الهدف والحركة.

 

3.   قراءة في مقدمة الكتاب

     اختار المؤلف مساءلة ملف الحركات الاحتجاجية محاولا فهمها وتفهمها باعتماد حركة ذهاب وإياب بين العدة النظرية والحصيلة الحقلية التي تتيحها الأدوات السوسيولوجية والنماذج الاحتجاجية التي تم الاشتغال عليها ميدانيا.

     وتتوزع صفحات هذا الكتاب على مقدمة عامة وعشرة فصول، وقد خصص الباحث الفصل الأول منها لسوسيولوجيا الحركات الاجتماعية، والثاني لأنماط الحركات الاحتجاجية، والثالث لمسارات الفعل الاحتجاجي.

     فيما انشغل الفصل الرابع بالحركات الاحتجاجية بالمغرب، والفصل الخامس يرصد ملامح الاحتجاج المغربي، لينتقل العطري بعد ذلك إلى الشق الميداني من دراسته بخطاب في المنهج في الفصل السادس، والاحتجاج المغربي وممكنات القراءة في الفصل السابع.

    ثم السلوك الاحتجاجي بالمغرب في الفصل الثامن، فثقافة الاحتجاج المغربي في الفصل التاسع، لينتهي أخيرا إلى محاولة في التركيب عبر الفصل العاشر الأخير.

     ينتصر العمل لفهم خاص للسوسيولوجيا يتأسس على النقد والمساءلة، وهو ما أوضحه إدريس بنسعيد (أحد رموز علم الاجتماع بالمغرب، ومنسق مجموعة الأبحاث والدراسات السوسيولوجية بجامعة محمد الخامس بالرباط) في تقديمه بالقول:

إن "العمل يتوفر على نفس سوسيولوجي عميق ويضع لبنة جديدة على درب البحث الخاص، من خلال تناول موضوع "ساخن" هو الحركة الاحتجاجية بمنهج "بارد" هو السوسيولوجيا، وهو أمر تصدى له بكيفية تستحق التنويه، خاصة في شرط شح الدراسات العلمية، خاصة باللغة العربية، وندرة الوثائق وتعذر إجراء مقابلات، خاصة في صفوف المحتجين في العالم القروي"

"ارتفاع الطلب الاجتماعي وتنامي السلوك الاحتجاجي" هذا هو العنوان البارز للمغرب الاجتماعي في السنوات الأولى من هذه الألفية، فبؤر التوتر والاختلال لاحت في أكثر من مناسبة وعلى أكثر من صعيد، في تأشير دال وقوي على التهاب الاحتقان المجتمعي.

     ففي أعماق الريف المغربي استمر الاحتجاج الاجتماعي من أجل إفادة عادلة من الإعانات المخصصة لضحايا الزلزال الذي دمر الحسيمة ونواحيها، وفي المغرب العميق وتحديدا بالعالم القروي نظم الفلاحون، مسيرات العطش من أجل حقهم في ماء الشرب.

 

4.   المنهج المعتمد

     اعتمد العطري في دراسته للحركات الاحتجاجية في المغرب على عدة مناهج نوردها على الشكل الآتي:

        المنهج التاريخي: والذي استخدمه العطري في دراسة التغيير الحاصل على شبكة العلاقات الاجتماعية وتطورها والتحويلات الحاصلة عليها.

حيث نجد أن العطري توقف عند مجموعة من المحطات التاريخية محاولا رصد تور الحركات الاحتجاجية، وكان غالبا ما يؤطر كل حدث في سياقه الزمني.

        المنهج المقارن: إذ نجد أن العطري قارن بين الحركات الاحتجاجية فيما بينها، كما قارن بين هذه الحركات في بلدان مختلفة.

        المنهج تحليل المضمون: والذي يقوم على الوصف الموضوعي للمحتوى الظاهر لموضوعات الاتصال الجمعي، ونجد أن العطري حلل العديد من المواقف والآراء والأطروحات، كما حلل ديناميكية الحركات الاحتجاجية، الأمر الذي يساعد على الوقوف على عوامل التغيير الاجتماعي وشكل المجتمع بعد التغيير.

        منهج المسح الاجتماعي: وظفه الباحث من خلال الدراسة العلمية لظاهرة حركة الاحتجاج.

 

5.   فرضيات الدراسة

       من خلال ما سبق يمكن لنا القول إن عبد الرحيم العطري سوف يقدم لنا نظرة معمقة حول سؤال الاحتجاج في المغرب بين واقع الحال ورهان الإصلاح. كما نفترض أن العطري سيتوقف عند الجانب النظري والتطبيقي لممارسة فعل الاحتجاج.

 

6.   الإشكالية

     إن الحركات الاحتجاجية هي حركات ضاربة في عمق التاريخ وليست وليدة اللحظة وقد لعبت هذه الحركات أدوارا طلائعية وريادية في احداث التغير ولانتقال من حال الحال أفضل.

فإلى أي حد ساهم العطري من خلال دراسة السلوك الاحتجاجي في المغرب من تقريب القارئ الى أنماط الاحتجاج؟

وماهي مضامين كل فصل؟ وماهي المواقف التي تفاعا معا الكاتب؟

 

تعليقات