القراءة في الفصل السادس تحت عنوان "خطاب في المنهج" من كتاب "الحركات الاحتجاجية بالمغرب "للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري

 

القراءة في الفصل السادس تحت عنوان "خطاب في المنهج" من كتاب "الحركات الاحتجاجية بالمغرب "للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري


القراءة في الفصل السادس تحت عنوان "خطاب في المنهج" من كتاب "الحركات الاحتجاجية بالمغرب "للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري
 

 

خطاب في المنهج

        إن المسعى المعرفي في فهم وتحليل الحركات الاحتجاجية بالمغرب يتحدد حسب العطري من خلال اعتماد منهج المسح الوصفي الميداني، واعتماد تقنيات الملاحظة والمقابلة وتحليل الوثائق لتحصيل وتجميع البيانات الكفيلة بإنجاز قراءة علمية للمتن الاحتجاجي، فالحاجة إلى الدراسة الميدانية تفرضها إخفاقات التنمية المجتمعية، لذلك فإن أساس الدراسة في العلوم الاجتماعية يتحدد من خلال الاختبار الميداني والذي يساعد في الفهم والتفسير.

سنتناول في قراءتنا لهذا الفصل من خلال مبحثين حيث عنون (المبحث الأول) بالكيف بدل الكم و(المبحث الثاني) تحت عنوان إنهم يحتجون.

 

المبحث الأول: الكيف بدل الكم

     لتحديد شروط إنتاج وإعادة الإنتاج الحركات الاحتجاجية لجأ العطري إلى تنقل بين ثلاث نماذج تتوزع بين القروي، شبه الحضري والحضري، حيث اعتبر أن المسح الميداني هو أكثر وثوقا وموضوعية، في تحليل المعطيات وفق لذلك تم اعتماد أداتين كفيلتين لجمع المعطيات من مجتمع الدراسة وهما المقابلة والملاحظة الميدانية، فالمناهج الكيفية توفر من المعلومات والتفاصيل حول المواضيع المدروسة مالا توفره المناهج الكمية.

     من خلال المقابلة تم اللجوء إلى بحث ميداني بكل من الرباط وسیدي الطيبي وأية بلال، على مدى ثلاثة أشهر "أبريل، ماي ويونيو من سنة 2007 " وتم إجراءها مع 50 مبحوثا.

فعلى حد تعبير الأستاذ عبد الرحيم عمران والذي يستشهد به الكاتب على أن المناهج الكيفية تستعمل في محاولة فهم الكيفية التي ينظم بها البشر حياتهم ومجالهم الخارجي ويضيفون بها معاني ودلالات على محيطهم عبر ما يعتمدونه من رموز وطقوس ومعتقدات وإيديولوجيات وتمثلات وأراء وأدوار اجتماعية.

    فالمقابلة حسب الكاتب تعد أداة مركزية لا غنى عنها في جمع المعطيات من مجتمع الدراسة.

    أما الملاحظة على حد تعبير الكاتب فهي أداة علمية للفهم والمقاربة، فالملاحظة المباشرة تفيد في الوصول إلى العديد من الخلاصات فهي ممن تفرضها الحاجة العلمية للظواهر الاجتماعية ويتعين على الملاحظ شحذ تقنيات الملاحظة من أجل الوصول إلى عمق الأشياء.

   فالملاحظة الميدانية تعد ممن يجد الارتكان إليه في البحث والسؤال، فالبحث السوسيولوجي يعتمد بالأساس على الملاحظة الثاقبة المتلقية للتفاصيل الدقيقة.

   ويختم الكاتب بإشكال هام من قبيل أليس علماء الاجتماع هم علماء تفاصيل التفاصيل؟ وأنى لهم وهذه التفاصيل بغير العين السوسيولوجيا.

   ومن خلال الملاحظة يترصد حركات المحتجين، وشعارتهم، كذا ردود فعل المارة وجلساء المقهى وهناك أداة ثالثة في قراءة الحركات الاحتجاجية تتمثل المنهج البيوغرافي، ويتجلى في الحديث عن التجارب السابقة حيث يتم اجراء مقابلات مع أشخاص متقدمين في السن نوعا ما، ما يسمح بمعانقة ذاكرة بعيدة المدى هذا إلى جانب المدخل الوثائقي ويتعلق بأدبيات هذه الحركات والمتصل بالبلاغات والتقارير والمراسلات والصور واللافتات والشعرات والملصقات والتي يعبر الفعل الاحتجاجي عن مواقفهم ومطالبهم.

      فاستعمال التقنيات الكيفية بدل الكمية يسعف في فهم ومقاربة الظواهر الاجتماعية والتقاط تفاصيل التفاصيل.

 

المبحث الثاني: إنهم يحتجون

       اعتمد العطري في مقاربته للظاهرة الاحتجاجية على العينة الأكثر تمثيلية لمجتمع الدراسة آملا في الفهم والتفسير. فمجتمع الدراسة غير واصح المعالم وغير منتمي لمجال جغرافي محدد فقد تم الاشتغال، على ثلاث نماذج من الحركات الاحتجاجية على مستوى شارع محمد الخامس بالرباط حيث تمت ملاحظة 23 حركة احتجاجية خلال هذه الدراسة. أما على مستوى سيدي الطيبي، تم استقصاء فعلا احتجاجيا تباينة أسبابه ودوافعه، في حين اتسمت أيت بلال بإقليم أزيلال بطابعها القروي، حيث شكلت فيها دواعي الاحتجاج مرتعا لتوفير البنيات الأساسية بالمنطقة بسبب العزلة التي تشهدها.

     يختلف الفعل الاحتجاجي من منطقة إلى أخرى حسب نوع المجال الجغرافي، حيث إذا كان حاضرا في المدن فإنه يتغير دوافعه و أسبابه سواء كانت متعلقة بالجانب الاقتصادي و السياسي أو غيره من الأسباب فما كان يعد سببا للاحتجاج في الماضي قد لا يكون كذلك في الحاضر، فما قد يؤرق أفراد المجتمع في البوادي قد بتجاوز في المجال الحضري أو شبه الحضري، كما أن تمة شيء آخر لا يقل أهمية هو المستوى التعليمي في تلك النماذج المدروسة، قد تعد إحدى العوامل المساهمة في تحليل و تفسير الحركات الاحتجاجية و كذلك الوضع الاجتماعي المعيشي، و بنية السكن و التحولات الديمغرافية.

 


تعليقات