القراءة في الفصل العاشر من كتاب "الحركات الاحتجاجية" بالمغرب للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري
الفصل العاشر: محاولة في التركيب
لحسم مساله نسبيه في قاره السيسيولوجيا والسيسيولوجيا مشروع غير
مكتمل، تذهب نحو التفكيك والتفكير في كل جواب جديد، والذي ليس الا سؤال ملغم.
وهنا يطرح السؤال هل يمكن رسم الخطاطات
المحتملة للحركات الاحتجاجية بالمغرب وذلك في ظل ما تعرفه الحقول المجتمعية
ووقائها وصراعتها من تعقد وتركيب؟
على اعتبار أن التمديد أو الرفض هو المكون الذاتي في المشروع
الاحتجاجي، ولكن على مستوى التركيب فالاهتمام أكثر بزاوية تشريح مشروع وتفكيك
الياته وضبط التأثيرات التي اصبحت تتبع الفئات الاجتماعية، لا يمكن القول سوى أن
الفعل الاحتجاجي هو ترجمة ممكنه لتفاعلات وتناقضات النسق العام، وشرط الانتماء
حاضر في ثقافة الاحتجاج على اعتبار انه مجرد ممارسه انعكاسيه لشروط الواقع
الاجتماعي.
وعاده ما يسعى اصحاب السلطة إلى إخداع وتدجين الاخرين، وازاله
السلوكيات الاحتجاجية، على اعتبار انها سلوكيات غير مرغوب فيها وعليه فالسلوك
الاحتجاجي مرفوض من طرف اصحاب السلطة خصوصا عندما يكون معارضا للنظام وواجب الطاعة
والانقياد.
هي بمثابة حرب على الحركات الاحتجاجية حيث هناك رهان على الغاء جميع
اشكال الاحتجاج من الفضاء العمومي بل حتى ومنع جميع اشكال التضامن معها، اتجاه
النحو الطاعة العمياء.
المبحث الاول: من الحال إلى المال
عندما يتعلق الامر بحركة احتجاجيه محدودة في الزمان والمكان ضدا في طموحات
ومطالب اصحابها، يطرح السؤال كيف تقرأ المآل في سياق محاوله التركيب وكيف ننتقل من
الحال إلى المآل؟
من خلال تجارب عدة، لم يقد الاحتجاج مباشره إلى تنفيذ المطالب، والحيز
الزمني بين فترة الاحتجاج وتنفيذ المطالب ما هو الا تكريس لسلطوية الدولة. وأنها
لا تخاف من مطالب المحتجين، فلا أحد يلوي ذراع المخزن، ولا يمكن بالمرة مجابهة
الدولة واحراجها بالمطالب كما انها قد تلجا للعنف مرات متعددة لإنهاء هذه
الاحتجاجات. وترى الدولة نفسها مرات عدة
على أنها الدولة المعطاءة، وأما الدولة المستجيبة لمطالب المحتجين فلا تفيد ابدا
في تطوير المشروع التحكمي، ويرى عدة باحثون أن نجاح الاحتجاج رهين بتجاوب المحتج عليهم،
لا بقدرة المحتجين على الاستمرار والتصعيد.
اعتبر البعض أن التأثير الفعال والتنظيم الجيد، لا يضمن تحقيق
المطالب بقدر ما يمد الحركات الاحتجاجية بجرعات استمرار الاخرى فحتى رضوخ الدولة
لمطالب المحتاجين، تكيفه على اساس الهبة والانشغال بأمور رعاياها.
ويرى البعض أن الاحتجاجات الجماعية ستساهم لا
محاله في احداث التغيير والترسيخ والتمهيد للثورة، ولكن في الاوضاع الحالية
والواقع المعاش يتوسم مجموعة من الباحثين تنامي الحركات الاحتجاجية وتدهور مقولة السلم
الاجتماعي وما نراه اليوم لا يشكل إلا الثلث من جبل الاحتجاج العائم، لذا يرى عدد
من الباحثين أن المغرب القديم هو مغرب بطعم الاحتجاج حيت عرفت سنوات 1965 1981
1984 و1990 ارتفاع في لمستوى الاحتجاج.
عموما لا يمكن القول، سوى أن الحركات الاحتجاجية ما هي إلا محطات لتفريغ
حقد المواطنين اتجاه السلطة، ولكن مع استحاله التغيير وتفاقم المشاكل الموجبة
للاحتجاج يثار المحتجون ويصبحون أكثر عنفا مما يجعل منهم مسؤولين عن الوضع الذي هم
فيه، فمتى نستوعب درس الاحتجاج المغربي؟
المبحث الثاني: محاولة في النقد
من بين اليات فهم الحركات الاحتجاجية النقد والتأزم، على اعتبار أن
الممارسة النقدية تحمل في ادائها بعدا تأزيمي يرمي لمواجهه الفعل بحقيقته.
وقد ضلت الحركات الاحتجاجية بالمغرب تعاني من عسر الانتقال إلى مستوى
الحركات الاحتجاجية بمضمون سياسي عميق وتجدر تاريخيا يدفع عنها امكانيه الزوال
والانتفاء.
وتعد الحركات الاحتجاجية هي الاقدر وحدها على تعبئه الجماهير واحداث
التغيير، وما دون ذلك ليس إلا حركات عفويه ذات عمر قصير تضع لها السلطات الأمنية
حدا في أول تدخل عنيف. وما عنف السلطة إلا تكريس في أعماق المحتاجين للشعور بعدم
الجدوى والمجابهة وبالتالي ممكنات التحول إلى واقعه الحركة الاجتماعية.
والحركات الاحتجاجية في مجملها لا تراوح مكان وزمان نشوئها، ولا
تستطيع الامتداد حتى لأقرب مجال محددا انشغالاتها.
وما يعيق نجاح هذه الحركات الاحتجاجية كذلك هو انعدام القدرة على
التحديد الدقيق لهويه الخصم السياسي، والحركة الاجتماعية تجد معناها في هويتها
الذاتية من جهة، وهوية خصومها من جهة أخرى وتدبير الصراع بين الهويتين هو ما يضمن
استمرارها وحضورها.
وللحركات الاحتجاجية مشكل أخر مع الإبداعية والانفلات من مسار
الاشكال التقليدية للاحتجاج، فكل حركه احتجاجيه في حاجه قصوى إلى إطار فكري يدعمها
ويحضنها وبدون هذا لا يمكن أن نأمل تحول الحركات الاحتجاجية إلى مستوى الحركة الاجتماعية،
وأحيانا تراوح الحركات الاحتجاجية مكانها التقليدي لتنتج نفسها مساحات أخرى عن
طريق التحول والاستفادة حيث تنتقل من أمام البرلمان إلى الملاعب الرياضية مثلا في
صورة شغب رياضي.
على ما يبدو فالمجتمع المغربي وكأنه على وشك الانفجار لكن لا يزال
الجمود طابعه الاساسي، والجمود هنا يدل على التغيير داخل نسق الاستمرارية واعاده
الانتاج.
لقد غدى المجتمع المغربي حاليا على دراية بكيف يشخص مشاكله ويتفحص
وظيفته وكيف يوجه سهام النقد نحو مديري الشأن العام ليتخذ الاحتجاج صيغا جديده
تقفز من على الثقافة الاصطدامية، إلى المطالبة والكشف والمتابعة والضغط والمراقبة
والتعجيل بالتغيير.
فما بين منتصر للاحتجاجات التي تقلب موازين المنطلقات، ويرى أنها
حركات محدودة الفعل والفعالية تطرح هذه الاحتجاجات كوقائع اجتماعية فائقة التعقيد
والتركيب تحتمل أكثر من قراءه ورواية.
إن الحركات الاجتماعية بالمغرب في شتى الميادين تعبر عن اجزاء فقط من
الصراع الدائري بلا انقطاع بين السلطة والمهمين عليها.
هي لحظات اجتماعيه تدق لأعمال التغيير واعاده كتابه تاريخ الأنساق
وبين كل هذا تظل هذه الحركات نافذة مشرعة لقراءة مجتمع في مفترق الطرق.
إقراء ايضا
القراءة في مقدمة كتاب "الحركات
الاحتجاجية بالمغرب" للكاتب الدكتور عبد الرحيم العطري
القراءة في الفصلين الأول والثاني
القراءة في الفصول الثالث والرابع والخامس
القراءة في الفصل السادس تحت عنوان "خطاب
في المنهج"
القراءة في الفصول السابع والثامن والتاسع
القراءة في الفصل العاشر